فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال ابن عادل:

قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الآية [196].
الحجُّ: في اللغة عبارةُ عن القصد، وإنما يقال حجَّ فلانٌ الشيء، إذا قصده مرَّةً بعد أخرى، وأدام الاختلاف إليه، والحِجَّةُ بكسر الحاء: السَّنة، وإنما قيل لها حِجَّةٌ؛ لأن الناس يحجُّون في كل سنةٍ، وفي الشرع: هو اسمٌ لأفعال مخصوصة يشتمل على أركانٍ، وواجباتٍ، وسُننٍ.
فالركن: ما لا يحصل التحلُّل إلاَّ بالإتيان به، والواجب هو الذي إذا تركه يجبر بالدم، والسُّنن: ما لا يجب بتركها شيءٌ، وكذلك أفعال العمرة.
وقرأ نافعٌ، وأبو عَمْرٍو، وابنُ كثير، وأبو بكر، عن عاصمٍ رحمة الله تعالى عليهم: {الحَجُّ} بفتحِ الحاءِ في كلِّ القرآن الكريم، وهي لغة أهل الحجاز، وقرأ حمزة، والكسائيُّ، وحفصٌ، عن عاصمٍ: بالكسر في كلِّ القرآن.
قال الكسائيُّ: وهما لغتان بمعنى واحدٍ؛ كرِطلٍ ورَطلٍ، وكِسر البيت، وكَسره، وقيل: بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم.
وقرأ علقمة، وإبراهيم النَّخعيُّ: {وأقِيمُوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وفي مصحف ابن مسعودٍ: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ إلى البَيت} وروي عنه: وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت، وفائدة التخصيص بقوله: {لِلَّهِ}- هنا- أنَّ العرب كانت تقصد الحج للاجتماع، والتظاهر، وحضور الأسواق؛ وكلُّ ذلك ليس لِلَه فيه طاعةٌ، ولا قربةٌ؛ فأمر الله تعالى بالقصد إليه لأداء فرضه، وقضاء حقِّه.
والجمهور على نصب {العُمْرَةَ} على العطف على ما قبلها، و{لِلَّهِ} متعلقٌ بأتِمُّوا، واللام لام المفعول من أجله.
ويجوز أن تتعلَّق بمحذوفٍ على أنها حالٌ من الحجِّ والعمرة، تقديره: أتمُّوها كائنين لله.
وقرأ عليٌّ وابن مسعودٍ، وزيد بن ثابت، والشعبيّ: {والعُمْرَةُ} بالرفع عل الابتداء.
و{لله} الخبر، على أنها جملة مستأنفةٌ.
قوله: {فَمَا استيسر}، ما موصولة، بمعنى: الذي، ويضعف جعلها نكرة موصوفة، وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّها في محل نصب، أي: فليُهدِ، أو فلينحر، وهذا مذهب ثعلب.
والثاني: ويعزى للأخفش: أنه مبتدأ والخبر محذوف تقديره: فعليه ما استيسر.
والثالث: أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: فالواجب ما استيسر، واستيسر هنا بمعنى يسر المجرّد كصعب، واستصعب، وغني واستغنى، ويجوز أن يكون بمعنى: تفعَّل نحو: تَكَبَّر واسْتَكْبَرَ، وتعظَّم واسْتَعْظَمَ، وقد تقدَّم ذلك.
قوله: {مِنَ الهَدْي} فيه وجهان:
أحدهما: أن تكون مِنْ تبعيضية، ويكون محلها النَّصب على الحال من الضَّمير المستتر في {اسْتَيْسَر} العائد على ما، أي: حال كونه بعض الهدي.
والثاني: أن تكون مِنْ لبيان الجنس، فتتعلق بمحذوف أيضا.
وَفي الهَدْي قولان:
أحدهما: أنه.
جَمْعَ هَدْيَةَ كَجَدْي جمع جَدْيَةِ السَّرْج.
والثاني: أن يكُون مصدرًا واقعًا موقع المَفْعُول، أي: المُهْدَى، ولذلك يقعُ للأفرادِ والجَمْعِ.
قال أبو عَمْر بنُ العلاء: لا أعْرف لهذه اللَّفْظَةِ نَظِيرًا.
وقرأ مُجاهد والزُّهريُّ: {الهَديُّ} بتشديد اليَاء، وفيها وجهان:
أحدهما: أن يَكُون جمع هَدِيَّة كمطيَّة ومطايا وركيَّة ورَكايا.
قال أحمدُ بنُ يحيى: أهلُ الحِجَاز يُخَفِفُون {الهَدْي}، وتميم يثقِّلُونَهُ؛ قال الشَّاعر: الوافر:
حَلَفْتُ بِرَبِّ مَكَّةَ وَالْمُصَلَّى ** وَأَعْنَاقِ الهَدِيِّ مُقَلَّدَاتِ

وَيُقالُ في جمع الهَدْي: أَهْدَاءُ.
والثاني: أنْ يكون فعيلًا بمعنى مَفْعُولٍ، نحو: قتيلٍ بمعنى: مَقْتُول.

.فصل في الإضمار في الآية الكريمة:

قال القَفَّال: في الآية الكريمة إِضْمَارٌ، والتَّقدير: فَتَحَلَّلْتُم فما استيسر، وهو كقوله: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [البقرة: 184] أي: فَأَفْطَرَ فِعِدَّة، وفيها إضمارٌ آخر، هو ما تَقَدَّم، أي: فَلْيَهْدِ أو فلينحر ما اسْتَيْسَرَ، فالواجِبُ ما استيسر، ومعنى الهَدي: ما يهدى إلى بيت الله، عزَّ وجلَّ، تقربًا إليه بمنزلة الهَديَّة.
قال عليٌّ وابنُ عباس- رضي الله عنهما- والحسنُ وقتادة: أعلاه بدنه، وأوسطه بقرةٌ، وأخسه شاةٌ، فعليه ما تيسر من هذه الأجناس.
قوله: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا} [البقرة: 196].
فى {مِنْكُمْ} وجهان:
أحدهُما: أن يَكُونَ في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحال من {مَرِيضًا}؛ لأنه في الأصل صفةٌ لهن فلمَّا قُدِّم عليه انتَصَبَ حالًا.
وتَكُونَ {مِنْ} تبعيضيةٌ، أي: فَمَنْ كانَ مريضًا منكم.
والثَّاني: أجازه أبو البقاء أن يكونَ متعلِّقًا بمريضًا.
قال أبو حيان: وهو لا يَكَادُ يُعْقَلُ.
و{مَنْ} يَجُوزُ أنْ تكونَ شرطيةً، وأَنْ تكونَ موصولةً.
قوله: {أَوْ بِهِ أَذًى} يجوزُ أَنْ يكُونَ هذا مِنْ بابِ عَطْفِ المُفْرَدَاتِ، وأن يَكُونَ من باب عَطْفِ الجُمَلِ.
أما الأولُ، فيكونُ الجَارُّ وَالمجرورُ في قوله: {به} معطوفًا على {مريضًا} الّذي هو خبرُ كانَن فَيَكُونُ في مَحَلِّ نَصْبٍ.
ويكونُ {أذىً} مرفوعًا به على سبيل الفَاعِلِيِّة؛ لأَنَّ إِذَا اعْتمد رَفَع الفاعل عند الكُلَ فيصيرُ التقديرُ: فَمَنْ كان كائنًا به أَذىً من رَأْسِهِ.
وأما الثاَّني فَيَكُونُ {به} خبرًا مقدَّمًا، ومحلُّه على هذا رَفْعٌ، وفى الوجهِ الأَوَّلِ كان نصبًا، و{أذىً} مبتدأٌ مؤخَّر، وَتَكُونُ هذه في مَحَلِّ نَصْبٍ؛ لأنَّها عَطفٌ على {مَريضًا} الواقع خبرًا لكَان، فهى وإنْ كانَتْ جُمْلَةً لفظًا، فهي في مَحَلِّ مُفْرَدٍ؛ إذ المَعْطُوفُ على المَفْرَدِ مفردٌ، لا يُقَالُ: إنه عَادَ إلى عَطْفٍ المُفْرَدَاتِ، فيتَّحِدُ الوجهانِ لوضوحِ الفَرق.
وأجازوا أن يَكُونَ {أَذىً} مَعْطُوفًا على إِضْمارِ {كان} لدلالةِ {كانَ} الأولى عليها، وفى اسْمِ {كَانَ} المَحْذُوفَةِ حينئذٍ احْتِمَالانَ.
أحدهما: أن يَكُونَ ضميرَ {مَنْ} المتقدِّمَةِ، فيَكُونُ {به} خبرًا مقدمًا، و{أذى} مبتدأ مؤخرًا، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ خبرًا لكان المضمرةِ.
والثَّاني: أن يكونَ {أَذىً} اسمها و{به} خبرَها، قُدِّم على اسمها.
وأجَازَ أَبُوا البَقَاءِ أن يَكُونَ {أَوْ بِهِ أَذَىً} معطوفًا على {كَانَ}، وأَعْرَب {به} خبرًا مقدّمًا متعلِّقًا بالاستقرار، و{أَذىً} مبتدأ مُوَخَرًا، والهاءُ في {بِهِ} عائدةٌ على {مَنْ}.
وخَطَّأَهُ أبو حيان فيه، قال: لأَنَّهُ كَانَ قد قَدَّمَ أن {مَنْ} شَرْطيةٌ، وعلى هذا التَّقْدِيرِ يَكُونُ خطأن لأَنَّ المَعْطُوف على جُمْلةِ الشَّرْطِ شَرْطٌ، والجُمْلَةُ الشَّرْطيةُ لا تَكُونُ إلا فِعْلِيَّةً، وهذه كما ترى جملةٌ اسْميّةٌ على ما قَرَّرَهُ.
فَكَيْفَ تَكُونُ معطوفة على جملةٍ الشَّرطِ التِي يَجِبُ أن تكونَ فعليةً؟ فإنْ قيل: فإذا جَعَلْنَا {مَنْ} موصولةٌ، فهل يَصِحُّ ما قاله من كَوْنِ {بِهِ أَذىً} معطوفًا على {كَانَ}؟ فالجَوَابُ أنه لا يَصِحُّ أيضًا؛ لأنَّ {مَنْ} الموصولةَ إذا ضُمِّنَتْ معنى اسْم الشَّرْطِ لزِمَ أن تكونَ صلتُها جُمْلَةً فِعْليةً، أو ما هي في قُوَّتِهَا، وَالبَاءُ في {به} يجوزُ فيها وجهَان.
أحدُهما: أن تَكُونَ للإلصاق.
والثاني: أن تكونَ ظرفيةً.
والأذى مَصدر بمعنى الإيذاءِ، وهو الأَلَمُ يُقالُ آذاه يُؤْذِيه إيذَاءً وأذى، فكان الأَذَى مصدر على حذف الزَّوائد، أو اسم مصدر كالعَطَاءِ اسم للإِعْطاءِ، والنَّبَاتِ للإِنْبَاتِ.
قال ابنُ عَبَّاسِ- رضي اللَّهُ عنهما {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رأْسِهِ} أي برأسه قروح، {أَوْ بِهِ أَذًى}، أي: قَمْلٌ.
قولُهُ: {مِنْ رَأْسِهِ} في وجهان.
أحدهما: أنَّه في مَحَلِّ رَفْع؛ لأنَّهُ صِفَةٌ لأَذَى، أي: أذى كَائنٌ من رَأْسِهِ.
واثَّاني: أَنْ يَتَعَلَّق بما يَتَعلَّقُ {بِهِ} من الاستقرارِ، وعلى كلا التَّقْدِيرَين تكُونُ {مِنْ} لابتداءِ الغَايَةِ.
قوله: {فَفِدْيَةٌ} في رفعها ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدُها: أن تكُونُ مُبْتَدَأً والخبرُ مَحْذُوفٌ، أي: فعليه فِدْيَةٌ.
والثَّاني: أن تَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدأ محذوف، أي: فالواجبُ عليه فِدْيَةٌ.
والثَّالث: أن تكُونَ فاعل فعلٍ مقدَّر، أي فَتَجِبُ عليه فديةٌ.
وقُرئ شَاذًّا: {فَفِدْيَةً} نصبًا، وهي على إضْمَار فعل، أي: فَلْيَفْدِ فديةً.
و{مِنْ صِيَام} في مَحَلِّ رفعٍ، أو نَصْبٍ على حسب القِرَاءَتَيْن صفةً ل {فِدْيَة}، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، و{أو} للتَّخيير، ولابد مِنْ حَذْفِ فعلٍ قبلَ الفَاءِ تقديرهُ: فَحَلَقَ فَفِدْيَة.
وقرأ الحَسَنُ والزُّهريُّ {نُسْك} بسكون السِّينِ، وهو تخفيفُ المضموم.
وفى النَّسُك قولان:
أحدهما: أَنَّهُ مَصْدَرٌ يُقَالُ: نَسَكَ ينسُك نُسْكًا ونُسُكًا بالضَّمِّ والإِسكان، كما قرأهُ الحَسَنُ.
والثَّاني: أنه جَمْعُ نَسِيكة، قال ابنُ الأَعْرَابيّ: النَّسيكَةُ في الأَصْلِ سَبيكة الفِضَّةِ، وتُسَمَى العبادةُ بها؛ لأَنَّ العِبَادَة مُشْبهةٌ سبيكة الفِضَّة في صَفَائِهَا وخُلوصِها من الآثام ويُقَالُ للمتعبد نَاسِكٌ، لأَنَّهُ يُخلص نفسه من الآثام وصغارِها كالسَّبِيكةِ المخلَصة من الخَبَثِ وقيل للذَّبيحة نَسيكة لذلك لأنها أشرف العبادات التي يُتَقرَّبُ بها إلى اللَّهِ تعالى.
قوله:... الفاءُ عَاطفةٌ على ما تَقَدَّم، و{إِذَا} مَنْصُوبَةٌ بالاستقرار المحذوفِ؛ لأنَّ التَّقْدِير: فعليه ما اسْتَيْسَرَ، أي: فاستقرَّ عليه ما اسْتَيْسَرَ.
وقوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ} الفاءُ جوابُ الشَّرْطِ بإذا، والفَاءُ في قوله: {فَمَا استيسر} جوابُ الشَّرط والثاني.
ولا نَعْلَمُ خلافًا أَنَّهُ يَقَعُ الشَّرْط وجوابُهُ جوابًا لشرطٍ آخرَ مع الفاءِ.
وقد تَقَدَّم الكَلاَمُ على {فَمَا اسْتَيْسَرَ}.
ومعنى التَّمَتُّع: التَّلَذُّذ، يقالُ تمتَّعَ بالشَّيءِ، أي: تَلَذَّذَ به، والمتاع: كُلُّ شَيءٍ يُتمتع به، وأصلُهُ من قولهم: حَبْلٌ ماتِعٌ أي: طويلٌ، وكل ما طالت صحبته بالشَّيء، فهو مُتَمتِّعٌ به، والتمتع بالعمرة إلى الحَجّ هو أن يَقدُم مكَّة مُعْتمِرًا في أشهرِ الحجِّ وينزع منها، ثم يقيمُ بمكَّةَ حلالًا، حتَّى يُنشئ منها الحَجَّ من عَامِهِ ذلك، وإنَّما سُمِّي متمتعًا لأنَّهُ يكُونُ مستمتعًا بمحظورات الحج فيما بين تحلله من العمرة إلى إحرامِهِ بالحَجِّ، وهذا التمتع الَّذي ليس بمكروهٍ، بل هو الأفضلُ عند أحمد، وإتمامِ التَّمتُّع المكروه، وهو الَّذي خطب به عمر رضي الله عنه وقال: مُتْعَتَانِ كَانَتَا على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهما، وأُعاقِبُ عليهما، مُتْعَةُ النِّسَاءِ، ومتعة الحَجِّ، والمراد بهذه المتعة أن يجمع بين الإحرامين، ثُمَّ يفسخ الحجَّ إلى العمرة، ويتمتَّعُ بها إلى الحَجِّ.
قوله: {فَصِيَامُ} في رفعه الأَوجه الثَّلاَثَة المّذكُورةُ في قولِهِ: {فَفِدْيَةٌ} وقرئ نصبًا، على تقدير فَلْيَصُمْ، وأُضيف المَصْدَرُ إلى ظَرْفِهِ معنىً، وهو في اللَّفظِ مَفْعُولٌ به على السَّعَةِ.
و{فِي الحَجِّ} مُتَعَلّقٌ بِصِيَامٍ وقَدَّر بعضهم مُضافًا، أي: في وقتِ الحَجِّ، ومنهم مَنْ قَدَّر مُضَافَيْن، أي: وقتَ أفعالِ الحَجِّ، ومنهم مَنْ قَدَّره ظَرْفَ مكانٍ، أي: صَوْمُهُ، بعد إحرام العُمرة، وقبل إحرام الحَجِّ.
وقال أبو حنيفة: يصحُّ.
قوله: {وَسَبْعَةٍ} الجمهورُ على جَرِّ {سَبْعَةٍ} عطفًا على ثلاثة.
وقرأ زيدُ بنُ عَليٍّ، وابن أبي عَبْلَة: {وَسَبْعَةً} بالنَّصب.
وفيها تخريجان:
أحدهما: قاله الزَّمخشَرِيُّ، وهو: أن يكُونَ عطفًا على مَحَلِّ {ثَلاَثَة} كأنه قيل: فصيامُ ثلاثةٍ، كقوله: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} [البلد: 14، 15]، يعني: أنَّ المُضاف إليه المصدرُ مَنْصُوب معنى بدليل ظُهُورِ النَّصب في {يَتيمًا}.
والثاني: أنْ يَنْتَصِبَ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُه: فَلْيَصُومُوا، قال أبو حيان وهذا مُتَعَيِّنٌ؛ لأنَّ العَطْفَ على المَوضع يُشْتَرَطُ فيه وجُودُ المُحْرِزِ يني: على مذهب سيبويه.
قوله: {إِذَا رَجَعْتُمْ}: مَنْصُوبٌ بِصيام أيضًا، وهي هُنَا لِمَحضِ الظَّرفِ، وليس فيها مَعْنَى الشَّرْط.
لا يُقَالُ: يَلْزَمُ أن يَعْمَلَ عامِلٌ واحدٌ في ظَرْفَي زَمان، لأنَّ ذلك جائزٌ مع العطف والبَدلِ، وهنا يكُونُ عَطَفَ شيئين على شيئين، فَعَطَفَ {سَبْعَةٍ} على {ثَلاَثَةٍ}، وعطف {إذ رَجَعْتُم} على {فِي الحَجّ}.
وفي قوله: {رَجَعْتُمْ} شيئان:
أحدهما التفاتٌ، والآخَرُ الحَمْلُ على المعنى، أمَّا الالتفاتُ: فإنَّ قبله {فَمَنْ تَمَتَّعَ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ}، فجاء بضمير الغَيْبَة عائدًا على {مَنْ}، فلو سيق هذا على نَظْمِ الأَوَّل لقيل: إِذَا رَجَعَ بضمير الغَيْبَةِ.
وأمَّا الحَمْلُ فلأَنَّهُ أتى بضمير جمعٍ؛ اعتبارًا بمعنى {منْ}، ولو رَاعى اللَّفظ لأفردَ، فقال: رَجَعَ.
قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ} {ذَلِكَ} مبتدأ، والجارُّ بعده الخبر.
وفي اللاَّم قولان:
أحدهما: أنَّها على بابها، أي: ذلك لازمٌ لمن.
والثاني: أنها بمعنى على، كقوله: {أولئك لَهُمُ اللعنة} [الرعد: 25]، وقال عليه السَّلام: «اشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلاَءَ»، أي: عليهم، وقوله: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] أي: فعلهيا، وذلك إشارة إلى التَّمتُّع، والقران للغريب ولا حاجة إلى هذا.
ومَنْ يجوز أن تكون موصولة، وموصوفة.
و{حَاضِرِي} خبر {يَكُن}، وحذفت نونه للإضافة. اهـ. باختصار.